الأربعاء، 28 مارس 2012

الحاجة إلي التربية للمواطنة العلمية

الحاجة إلي التربية للمواطنة العلمية.
بقلم أ.د. محسن مصطفي محمد عبد القادر
حاجتنا في العالم العربي إلي الأخصائيين والفنيين العلميين في هذا العصر الذي يقوم علي العلم والتكنولوجيا لا تستدعي التدليل وتسهم التربية العلمية بنصيب في إعداد هؤلاء الأخصائيين تمدهم بألوان متعددة من الثقافة والمعرفة وتعيينهم علي إدراك ما يعنيه الاشتغال بالعلم والأخذ بأساليبه من قيم ومهارات وغرس اهتمامات بل التدريب الذي يظهر الكفاءات وينمي الميول ولكي تنجح التربية العلمية في تحقيق ذلك لابد أن تهتم بتأصيل قيم المواطنة الصالحة ، فالاختصاصي العلمي الفني بأي مجال من المجالات قد يكون خطراً ووبالاً على الوطن والمجتمع إذا لم يكن مواطناً صالحاً بالدرجة الأولى قبل أن يكون فنيا، وهذا ما يجعل إعداد المواطن من أولى الأولويات في عملية التربية ولذلك لم يُعد تحقيق هذا الهدف قاصراً علي نمط محدد من أنماط التربية.
 وبالرغم من أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه التربية العلمية كعامل مهم وأساسي في إعداد أخصائيين علميين مثقفين كمواطنين قادرين علي استخدام وتوظيف العلم والتكنولوجيا في المجتمع إلا أن هناك قصورا في هذا الجانب رغم وجود الكثير من الأسباب والحاجات التي تحتم ضرورة تناول مفهوم وقيم المواطنة من خلال التربية العلمية أهمها ما يلي:
أولاً: أسباب قانونية.
     هناك أسباب قانونية تلزم التربية بأنماطها المختلفة الاهتمام بتنمية مفهوم المواطنة بشكل عام والمواطنة العلمية بشكل خاص وذلك لإعداد المواطن إعداداً علمياً مما يُلزم التربية العلمية والمعنيين والمشتغلين بها تنفيذاً للقانون:
     1 ـــــ بالرجوع إلي القانون 139 لسنة 1981 نجد أن المادة 16 تتضمن أهداف التعليم الأساسي وتنص علي تنمية قدرات واستعدادات التلاميذ وإشباع ميولهم وتزويدهم بالقدر الضروري من القيم والسلوكيات والمعارف العلمية والمهنية التي تتفق وظروف البيئات المختلفة بحيث يمكن لمن يتم مرحلة التعليم الأساسي أن يواصل تعليمه في مرحلة أعلي وأن يواجه الحياة بعد تدريب مهني مكثف وذلك من أجل إعداد الفرد لكي يكون مواطناً منتجاً في بيئته ومجتمعه.
     2 ـــ في عام 1988 صدرت تعديلات في بعض مواد القانون لمراعاة مختلف الظروف والمتغيرات منها نص " توفير فرص وصول الأطفال في المجتمع إلي الحد الأدنى من التعليم وأن هذا الحد يجب أن يقدم للتلميذ فرصة اكتساب الخبرات الأساسية للمواطنة والتي تعينه علي مواصلة تعليمه أو دخوله سوق العمل ، بجانب العناية بتكوين الشخصية الديمقراطية التي تعي الصالح العام وتكرس نفسها لخدمته وتفكر تفكيراً علمياً في القضايا الاجتماعية وتعرف الأخذ والعطاء وتحترم رأي الأغلبية  وتحرص علي التعاون مع الآخرين.
ثانياً: أسباب للتحولات الثقافية والعلمية...
في ظل مفهوم العولمة وما أتت به من تحولات ثقافية وعلمية وتكنولوجيا ...الخ أصبح العالم وطن أكبر أو كما يقال قرية كوكبية نسكن فيها ومن ثم ظهر ما يعرف بالمواطنة العظمي أو المواطنة العالمية Global Citizenshipفالمواطنة بمفهومها القومي لها قيمتها وقيمها مثل الولاء وحب الوطن والتفاني في خدمته والذود عنه والتعاون والمشاركة بإخلاص في الأمور العامة والخدمية بين مواطنيه ، وللمواطنة بمفهومها العولمي لها قيم خاصة بها فهي تتطلب السلام والتسامح الإنساني واحترام ثقافات الآخرين وتقديرها والتعايش مع كل مواطني العالم والتعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية في مجالات البيئة والصحة والغذاء ومكافحة الأمراض ومواجهة الكوارث والمواطنة بمفهومه العالمي لا تمسح أو تلغي المواطنة بمفهومها القومي فبدون تلك الأخيرة لا وجود للمواطنة بمفهومها العالمي فكلاهما يعاضد الآخر. ولكون التربية عامل أساسي من عوامل التغيير الثقافي وعنصر مهم لمواجهة التحولات الثقافية والعلمية والتكنولوجية... في المجتمع لذلك لا يجب أن لا تترك هذه التحولات والتغيرات عرضة لقوى خارجية فعلي التربية بأنماطها المختلفة الاهتمام بتنمية مفهوم وقيم ومبادئ وخصائص المواطنة بحيث لا تسمح باتساع الهوة بين الحقائق الثقافية للحياة وبين ما تسمح به قيم المجتمع واعتقاداته وتوقعاته.
ثالثاً: أسباب تربوية.
     1 ـــ التأكيد علي أن تنمية المواطنة كهدف ليس مسئولية نمط محدد من التربية، وإنما يتحقق من خلال الأنماط التربوية المختلفة وطنية كانت أو مدنية إسلامية أو علمية. 
    2 ـــ مسئولية تنمية المواطنة مسئولية عامة تشترك فيها كل المناهج والمقررات الدراسية من لغة عربية وعلوم ورياضيات ولغة إنجليزية إضافة إلي الدراسات الاجتماعية.
  3ــــ الأخذ بنتائج البحوث والدراسات التربوية والتي أشارات إلي أن الاعتماد علي التربية الوطنية أو المدنية أو الدراسات الاجتماعية لا يفي بتنمية المواطنة حيث أن إسهامها متوسط الفعالية فقد أشارت نتائج البحوث أن الحجم الساعي المخصص للمواد الاجتماعية يبقى دون المستوى المطلوب ولاسيما إذا تعلق الأمر بتنمية مفهوم وقيم وخصائص المواطنة.
رابعاً: أسباب علمية.
1ــــ تبرز الحاجة للمواطنة العلمية كنتيجة حتمية للتقدم العلمي الذي أصبح ذات أثر كبير في الحياة اليومية والشخصية للمواطن فأصبح لزاما عليه ـــ واجبات ـــ أن يواكب هذا التقدم وأن يكون قادراً علي التكيف مع التطورات العلمية وتطبيقاها التكنولوجية.
 2ـــ يستلزم من مواطن القرن الحادي والعشرين ـــ واجبات ـــ تطوير معارفه العلمية وتنمية قدراته الفكرية لاستخدام هذه المعارف وتوظيف تلك القدرات في اتخاذ القرارات ومواجهة التغيرات الناجمة عن التطور العلمي والتكنولوجي
3 ــــ تتطلب المواطنة في عصر العلم اكتساب قاعدة عريضة من المهارات والاتجاهات والميول والقيم والفضائل والأخلاقيات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بممارسة العلم بمختلف جوانبه.
المراجع :
رئاسة الجمهورية، 1981
عبد الله بيومي ،1993  
عصام عبد الله، د.ت.
حسن شحاتة ، 2008
شعبان حامد ، نادية حسن 2001
  عبد الخالق سعد 2004
 عادل رسمي 2001
  سيف الإسلام شوية ، 2009

الجمعة، 9 مارس 2012

التربية العلمية والمواطنة

التربية العلمية والمواطنة
     أتفق التربويون العلميون علي أن بناء المواطن الصالح من أولويات أهداف التربية العلمية وبما يتفق وطبيعتها وفلسفتها ومحتواها ، لذا فإن تنمية مهارات المواطنة العلمية تُعد من الجوانب المهمة التي يجب أن تسعي التربية العلمية إلي إكسابها وتنميتها لدي الأفراد المتعلمين كمواطنين ومن بين هذه المهارات مهارات اتخاذ القرار في القضايا المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا والمجتمع  ومهارات حل المشكلات البيئية مثل مشكلات الطاقة  الغذاء ، انتشار الأمراض وكذلك تنمية مهارات التفكير اللازمة للتكيف مع حضارة العصر مثل التفكير العلمي والتفكير الناقد ومهارات المناقشات العلمية والجدل العلمي حرية التعبير واحترام الرأي والرأي الأخر ، كما تعد ضوابط وأخلاقيات العلم من المواصفات الضرورية للمواطنة العلمية.
ضوابط وأخلاقيات العلم
أشار تقرير تنمية العالم 2007م المعني بالتنمية والشباب إلي أهمية استثمار شباب الدول النامية بما يجعله قاعدة متينة للبناء كما أشار إلي خمسة تحولات حاكمة في حياة الشباب هي التعلم والعمل والمحافظة علي الصحة وتكوين أسرة وممارسة المواطنة ( وليم عبيد ، 2009 ، 23 ) فممارسة المواطنة من الأمور المهمة في حياة الشباب ويساق عالمنا اليوم بالتغير العلمي والتكنولوجي ، وبالعلم تتحقق النهضة في مختلف المجالات لذلك فإننا في أمس الحاجة إلي مواطنين متعلمين علمياً يحتضنون العلم كمسعى بشري ويفهمونه كضرورة ليشتغلوا في أعمالهم بطريقة إنتاجية وليعيشوا حياتهم بصحة الأمر الذي يتطلب مساعدتهم في فهم مفهوم وقيم وخصائص المواطنة العلمية.
     وبالرغم من أهمية العلم في الحياة اليوم فمن الصعب علي من له صلة وثيقة به التنبؤ بتفاصيل أوجه التقدم العلمي وتطبيقاته التكنولوجية فقد أدت معادلة أينشتين الطاقة = الكتلة X مربع السرعة (E=mc2  ) إلي نتائج تراوحت بين استخدامات الطاقة النووية لتوفير القوى للمدن وكذلك تفجير أجهزة نووية علي حساب حياة الآلاف من البشر في هيروشيما وناجازاكي ووصولاً إلي نشر التلوث الذي تبع كارثة تشيرنوبل وإذا تحولنا من الفيزياء إلي البيولوجيا من الذي كان سيتمكن من التكهن بالثورة التي حدثت في البيولوجيا الجزئية من حيث طبيعة الجينات والكروموسومات ناهيك عن استنساخ كائنات بأكملها وتعديل التتابع الوراثي والإخصاب الصناعي والتحكم في جنس الجنين وبنوك الأمشاج والتقدم في علوم الأعصاب والإدراك ...الخ ، فالعلم حقا سيواصل السير ولكن ليس هناك ما يضمن أن العلم سيسهم طبيعياً في خير جماهير المواطنين أو أنه سيكون في المستقبل قوة خير فالعلم نفسه لا يستطيع أن يقرر أي الاستخدامات سيتبعها فهذه قرارات يتخذها أفراد البشر وهم يتصرفون بناء علي أي ما تتخذه القرارات الرسمية وغير الرسمية المتاحة لهم.( نخبة من العلماء والمربين،2004،199 )
    حقيقة الأمر أن الفرد / المتعلم لكي يصبح مواطناً علمياً يحتاج بالضرورة إلي جانب المعارف العلمية وفهم العلم معرفة الحقائق الأساسية لأخلاقيات وضوابط العلم ويفهم أن العلم دائماً محايد أخلاقياً ويعرف أيضاً سمات وخصال وأخلاقيات العلماء وفهم مهمتهم الأساسية وهي البحث والاكتشاف وإضافة المزيد من المعرفة العلمية لخير الإنسانية والحياة.
     من هنا فإن التربية العلمية في العالم العربي لكي تُعد الفرد  المتعلم كمواطن علمي يجب أن تزوده بالمعارف والحقائق المتعلقة بأخلاقيات وضوابط العلم بهدف فهم قيمه وأدواره الاجتماعية كما يجب أن تعتني بتوجيه كل الاهتمامات بالعلماء من حيث ألقاء الضوء علي أعمالهم وخصالهم وأخلاقياتهم بهدف التمثل بهم كقدوة ومثل فهكذا تفعل كل أمة تأمل في النهوض والتقدم.