التربية العلمية والمواطنة
أتفق التربويون العلميون علي أن بناء المواطن الصالح من أولويات أهداف التربية العلمية وبما يتفق وطبيعتها وفلسفتها ومحتواها ، لذا فإن تنمية مهارات المواطنة العلمية تُعد من الجوانب المهمة التي يجب أن تسعي التربية العلمية إلي إكسابها وتنميتها لدي الأفراد المتعلمين كمواطنين ومن بين هذه المهارات مهارات اتخاذ القرار في القضايا المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا والمجتمع ومهارات حل المشكلات البيئية مثل مشكلات الطاقة الغذاء ، انتشار الأمراض وكذلك تنمية مهارات التفكير اللازمة للتكيف مع حضارة العصر مثل التفكير العلمي والتفكير الناقد ومهارات المناقشات العلمية والجدل العلمي حرية التعبير واحترام الرأي والرأي الأخر ، كما تعد ضوابط وأخلاقيات العلم من المواصفات الضرورية للمواطنة العلمية.
ضوابط وأخلاقيات العلم
أشار تقرير تنمية العالم 2007م المعني بالتنمية والشباب إلي أهمية استثمار شباب الدول النامية بما يجعله قاعدة متينة للبناء كما أشار إلي خمسة تحولات حاكمة في حياة الشباب هي التعلم والعمل والمحافظة علي الصحة وتكوين أسرة وممارسة المواطنة ( وليم عبيد ، 2009 ، 23 ) فممارسة المواطنة من الأمور المهمة في حياة الشباب ويساق عالمنا اليوم بالتغير العلمي والتكنولوجي ، وبالعلم تتحقق النهضة في مختلف المجالات لذلك فإننا في أمس الحاجة إلي مواطنين متعلمين علمياً يحتضنون العلم كمسعى بشري ويفهمونه كضرورة ليشتغلوا في أعمالهم بطريقة إنتاجية وليعيشوا حياتهم بصحة الأمر الذي يتطلب مساعدتهم في فهم مفهوم وقيم وخصائص المواطنة العلمية.
وبالرغم من أهمية العلم في الحياة اليوم فمن الصعب علي من له صلة وثيقة به التنبؤ بتفاصيل أوجه التقدم العلمي وتطبيقاته التكنولوجية فقد أدت معادلة أينشتين الطاقة = الكتلة X مربع السرعة (E=mc2 ) إلي نتائج تراوحت بين استخدامات الطاقة النووية لتوفير القوى للمدن وكذلك تفجير أجهزة نووية علي حساب حياة الآلاف من البشر في هيروشيما وناجازاكي ووصولاً إلي نشر التلوث الذي تبع كارثة تشيرنوبل وإذا تحولنا من الفيزياء إلي البيولوجيا من الذي كان سيتمكن من التكهن بالثورة التي حدثت في البيولوجيا الجزئية من حيث طبيعة الجينات والكروموسومات ناهيك عن استنساخ كائنات بأكملها وتعديل التتابع الوراثي والإخصاب الصناعي والتحكم في جنس الجنين وبنوك الأمشاج والتقدم في علوم الأعصاب والإدراك ...الخ ، فالعلم حقا سيواصل السير ولكن ليس هناك ما يضمن أن العلم سيسهم طبيعياً في خير جماهير المواطنين أو أنه سيكون في المستقبل قوة خير فالعلم نفسه لا يستطيع أن يقرر أي الاستخدامات سيتبعها فهذه قرارات يتخذها أفراد البشر وهم يتصرفون بناء علي أي ما تتخذه القرارات الرسمية وغير الرسمية المتاحة لهم.( نخبة من العلماء والمربين،2004،199 )
حقيقة الأمر أن الفرد / المتعلم لكي يصبح مواطناً علمياً يحتاج بالضرورة إلي جانب المعارف العلمية وفهم العلم معرفة الحقائق الأساسية لأخلاقيات وضوابط العلم ويفهم أن العلم دائماً محايد أخلاقياً ويعرف أيضاً سمات وخصال وأخلاقيات العلماء وفهم مهمتهم الأساسية وهي البحث والاكتشاف وإضافة المزيد من المعرفة العلمية لخير الإنسانية والحياة.
من هنا فإن التربية العلمية في العالم العربي لكي تُعد الفرد المتعلم كمواطن علمي يجب أن تزوده بالمعارف والحقائق المتعلقة بأخلاقيات وضوابط العلم بهدف فهم قيمه وأدواره الاجتماعية كما يجب أن تعتني بتوجيه كل الاهتمامات بالعلماء من حيث ألقاء الضوء علي أعمالهم وخصالهم وأخلاقياتهم بهدف التمثل بهم كقدوة ومثل فهكذا تفعل كل أمة تأمل في النهوض والتقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق