السبت، 21 مايو 2011

التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية

                  التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية
                     بقلم أ.د. محسن مصطفي محمد عبد القادر
     إنّ الخطوة الأولى في الحفاظ علي الهوية ، تتمثّل في توعية الأفراد / المتعلمين بطبيعة الهوية ومكوناتها وأهميتها ، لأنّ الكثيرين منهم يجهلون حقيقتها حتى وإن سمعوا بها ، ولا سيّما أنّ الهوية ما تزال غير واضحة في مناهج التعليم بشكل عام وفي مناهج العلوم المعنية بالتربية العلمية بشكل خاص.
     فلكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية تراثه الذي يعتز به ويحافظ عليه والمجتمع الذي ُيضيع تراثه فرط في مستقبله ، ولا مراء أن المجتمع المصري والعربي ثري بتراثه الذي كان وليد حضارات متعاقبة عبر القرون ، والتراث الحضاري العلمي والثقافي الفكري أعز ما يملك أبناء الوطن العربي.
     من هنا يصبح الوعي بهذا التراث ضرورة آنية ومستقبلية في ذات الوقت ، لذلك يجب إن نعمل علي إذكاء الشعور الوطني لدي الأفراد / المتعلمين وأن نتيح لهم الفرصة ليتعرفوا علي ما أنتجه أجدادهم الأوائل من فكر وعلم واكتشافات وكذلك علي العوامل التي أسهمت في وصول هؤلاء العلماء إلي المرتبة الرفيعة بين علماء عصرهم وهو ما اعترف به بعض المستشرقين المنصفين ، وأقر به حكمائهم الصادقون ، وأن نبين لأبنائنا أن هؤلاء العلماء وصلوا إلي ما وصلوا إليه بتمسكهم بالقيم والتقاليد والمُثل العليا المستمدة من الدين الذي يحرص علي العلم ويعتبره فريضة علي كل مسلم ، فتفرغوا له وشغفوا به وصرفوا كل لحظة من لحظات حياتهم لطلب العلم ، فكان هو المطلوب الأساسي والغاية الأسمى واللذة العظمي ، مطلوب لا يوازيه مطلوب ، وغاية لا تضاهيها غاية ، ولذة تفوق ما عداها من لذات الدنيا وزخارفها ، حرصهم الشديد علي الوقت فما كان يتسنى لهم أن يبلغوا هذه الدرجة الرفيعة من النبوغ والإبداع في شتى العلوم لولا شعورهم بأهمية الوقت ، والحرص علي الاستفادة من كل لحظة من لحظات الزمن والضن به دون فائدة ونفع ، فاهتموا بالقراءة والاطلاع وبالترجمة ، وتحصيل المعارف ومن مختلف الحضارات اليونانية والهندية والفارسية والصينية ، كذلك الالتزام بالطاعة وبالايجابية والجماعية ، والانفتاح والتعامل الحضاري مع الأخر  بالتسامح والتواصل والحوار وعدم التعصب.[1]
     من هنا فإن استحضار الرشد الفكري والنضج المنهجي والتراث العلمي لعلمائنا الأفذاذ ، وتلك الثروة السلوكية التي انتهجوها في حياتهم اليومية والعلمية سوف يكون لها المردود الايجابي في تحفيز الأفراد / المتعلمين للرقي والازدهار والتقدم وتعويض ما فات من تخلف عن الركب.
إن التربية عامة والتربية العلمية خاصة يجب أن تعمل على تعزيز الهوية العربية والوعي بها لدي الأفراد / المتعلمين حتى يستطيعوا الوقوف أمام السيل العارم من التيارات الفكرية التي تتصارع على خريطة العالم ، وأن تتضافر جهود المؤسسات المعنية لإبراز الخصوصية الثقافية العربية الإسلامية ، وأن تعزز القيم الروحية المستقاة من تراث أمتنا ، وإن توجد من الفرص المتنوعة مثل المناهج والبرامج والدروس والقصص والأفلام التاريخية والوثائقية وغيرها  التي تعمل علي  نشر وتدعيم القيم الروحية والمثل الأخلاقية ، وتمجيد قيم العلم وغرس حب البحث عن المعرفة واكتساب سبل وطرق إنتاجها ، وتنمية الإبداع والخيال والابتكار في نفوس الأجيال ، والعمل على التصدي للآثار السلبية للبرامج المبثوثة الزاخرة بالتيارات المادية والتحديات والتناقضات التي تهدد العافية الروحية للأمة العربية وللمجتمع الإنساني بأسره.
مراجع :
مختار بشير عبد السلام العالم :إسهام العلماء المسلمين في الحضارة العالمية.





التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية

                   التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية
                        بقلم أ.د. محسن مصطفي محمد عبد القادر
     إنّ الخطوة الأولى في الحفاظ علي الهوية ، تتمثّل في توعية الأفراد / المتعلمين بطبيعة الهوية ومكوناتها وأهميتها ، لأنّ الكثيرين منهم يجهلون حقيقتها حتى وإن سمعوا بها ، ولا سيّما أنّ الهوية ما تزال غير واضحة في مناهج التعليم بشكل عام وفي مناهج العلوم المعنية بالتربية العلمية بشكل خاص.
     فلكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية تراثه الذي يعتز به ويحافظ عليه والمجتمع الذي ُيضيع تراثه فرط في مستقبله ، ولا مراء أن المجتمع المصري والعربي ثري بتراثه الذي كان وليد حضارات متعاقبة عبر القرون ، والتراث الحضاري العلمي والثقافي الفكري أعز ما يملك أبناء الوطن العربي.
     من هنا يصبح الوعي بهذا التراث ضرورة آنية ومستقبلية في ذات الوقت ، لذلك يجب إن نعمل علي إذكاء الشعور الوطني لدي الأفراد / المتعلمين وأن نتيح لهم الفرصة ليتعرفوا علي ما أنتجه أجدادهم الأوائل من فكر وعلم واكتشافات وكذلك علي العوامل التي أسهمت في وصول هؤلاء العلماء إلي المرتبة الرفيعة بين علماء عصرهم وهو ما اعترف به بعض المستشرقين المنصفين ، وأقر به حكمائهم الصادقون ، وأن نبين لأبنائنا أن هؤلاء العلماء وصلوا إلي ما وصلوا إليه بتمسكهم بالقيم والتقاليد والمُثل العليا المستمدة من الدين الذي يحرص علي العلم ويعتبره فريضة علي كل مسلم ، فتفرغوا له وشغفوا به وصرفوا كل لحظة من لحظات حياتهم لطلب العلم ، فكان هو المطلوب الأساسي والغاية الأسمى واللذة العظمي ، مطلوب لا يوازيه مطلوب ، وغاية لا تضاهيها غاية ، ولذة تفوق ما عداها من لذات الدنيا وزخارفها ، حرصهم الشديد علي الوقت فما كان يتسنى لهم أن يبلغوا هذه الدرجة الرفيعة من النبوغ والإبداع في شتى العلوم لولا شعورهم بأهمية الوقت ، والحرص علي الاستفادة من كل لحظة من لحظات الزمن والضن به دون فائدة ونفع ، فاهتموا بالقراءة والاطلاع وبالترجمة ، وتحصيل المعارف ومن مختلف الحضارات اليونانية والهندية والفارسية والصينية ، كذلك الالتزام بالطاعة وبالايجابية والجماعية ، والانفتاح والتعامل الحضاري مع الأخر  بالتسامح والتواصل والحوار وعدم التعصب.[1]
     من هنا فإن استحضار الرشد الفكري والنضج المنهجي والتراث العلمي لعلمائنا الأفذاذ ، وتلك الثروة السلوكية التي انتهجوها في حياتهم اليومية والعلمية سوف يكون لها المردود الايجابي في تحفيز الأفراد / المتعلمين للرقي والازدهار والتقدم وتعويض ما فات من تخلف عن الركب.
إن التربية عامة والتربية العلمية خاصة يجب أن تعمل على تعزيز الهوية العربية والوعي بها لدي الأفراد / المتعلمين حتى يستطيعوا الوقوف أمام السيل العارم من التيارات الفكرية التي تتصارع على خريطة العالم ، وأن تتضافر جهود المؤسسات المعنية لإبراز الخصوصية الثقافية العربية الإسلامية ، وأن تعزز القيم الروحية المستقاة من تراث أمتنا ، وإن توجد من الفرص المتنوعة مثل المناهج والبرامج والدروس والقصص والأفلام التاريخية والوثائقية وغيرها  التي تعمل علي  نشر وتدعيم القيم الروحية والمثل الأخلاقية ، وتمجيد قيم العلم وغرس حب البحث عن المعرفة واكتساب سبل وطرق إنتاجها ، وتنمية الإبداع والخيال والابتكار في نفوس الأجيال ، والعمل على التصدي للآثار السلبية للبرامج المبثوثة الزاخرة بالتيارات المادية والتحديات والتناقضات التي تهدد العافية الروحية للأمة العربية وللمجتمع الإنساني بأسره.
مراجع :
مختار بشير عبد السلام العالم :إسهام العلماء المسلمين في الحضارة العالمية.



السبت، 7 مايو 2011

التربية العلمية والوعي بالهوية

التربية العلمية والوعي بالهوية
       بقلم أ.د. محسن مصطفي محمد عبد القادر
     في عصر الثورة العلمية والإعلامية يواجه المجتمع الإنساني صعوبات جمة إذ غدا الكون قرية صغيرة تجوبها عبر الفضاء عشرات الأقمار الصناعية تبث ملايين الرسائل المعرفية والإعلامية تقتحم خصوصيات البشر دون ضابط أو رقيب ، وشاع ما أطلق عليه الغزو الفكري والثقافي ، وأنتشر في العديد من الدول ظواهر مرضية تحت تأثير الثقافات الوافدة ، كما تعرضت الحياة الإنسانية إلي صور من التغير أكبر وأسرع مما تعرضت له في أي عصر من العصور  شمل هذا التغير كل أوجه الأنشطة الإنسانية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية ، وقد استخدمت مفاهيم للتعبير عن هذه التغيرات مثل العولمة  وصراع الحضارات ، والنظام العالمي الجديد ... الخ ، كما فرضت هذه التغيرات نفسها علي المجتمع البشري محدثة فيه صور من القلق والاضطراب ما قد تضح نتائجه بعد فترة قصيرة نظراً لشدة عوامل التفاعل وتأثيراته علي حياة الإنسان.
    والتربية كنشاط إنساني لم يسلم من هذه التغيرات والتطورات فتشير أدبياتها الحديثة إلي أن هناك ثمة اتجاهات تدعو وتفتح الطريق أمام تربية دولية يكون لها دور في إعداد الأفراد للحياة المعاصرة في ظل اقتصاد وعالم معولم  ومستقبل مجهول معالمه ، ومن هذه الاتجاهات عولمة الأهداف التربوية ، تنمية وتطوير الوعي العالمي تكوين ثقافة عالمية  وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالشراكة وتقنيات الإنتاج وعالم الاتصال , والمجالات المختلفة للمعرفة والثقافة والفنون.
    وينظر المعنيين والمهتمين بعولمة التربية وأهدافها أنها تستهدف تحقيق الوئام والصداقة والأخوة والسلام بين مختلف شعوب العالم  والأخذ بيد الشعوب التي تعترضها مشكلات تعليمية تحول دون تقدمها ونبذ فكرة الحرب من مناهج التعليم  وغرس فكرة الأخوة ، والتقريب بين أهداف التربية في كل المجتمعات.
     وهناك آراء تقول : أن عولمة التربية هو بمثابة " إمبريالية تربوية    Educational Imperialism" تسعي لتصدير التعليم الغربي إلي دول العالم النامي ، فالهدف منها هو نشر الإمبريالية للغة الإنجليزية بدعوة أنها لغة الاتصال العالمي ، علاوة علي أن المغزى الحقيقي لعولمة التربية لا يؤدي إلي الفهم المتبادل بين الشعوب والدول  بل هو طريق ذا اتجاه واحد One - Way Approach بمعني أن نسبة كبيرة من الأفراد / المتعلمين الذين يتلقون التعليم عبر التربية الدولية يتم تطبيعهم بثقافات الشعوب التي تقدم هذه التربية " ثقافة الغالب والأقوى تكنولوجياً ومعلوماتياً الأمر الذي يستهدف تدمير الهويات القومية الثقافية لدول العالم النامي.
    من هنا يمكن القول أن في كلتا الحالتين سواء كانت عولمة التربية تهدف إلي تحقيق الأخوة والصداقة والتبادل الثقافي ، أو تستهدف تدمير الهويات القومية فإن الوعي بالهوية القومية يصبح ضرورة حتمية لأن في الحالة الأولي يستوجب تبصير الأفراد / المتعلمين بهويتهم القومية وأهمية الحفاظ عليها  فالتمسك بالهوية القومية لا يمكن أن يحول دون تحقيق الأخوة والصداقة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن الوعي بالهوية القومية يصبح ضرورة قصوى لكي يتم التبادل الثقافي  فالتبادل يعني أخذ وعطاء والعطاء الثقافي يتطلب معرفة بالتراث الثقافي والعلمي والفكري والتاريخي والحضاري القومي أي وعي بالهوية القومية فالفرق كبير بين التبادل والانصياع  بين الفحص والتعرف والاختبار ثم الاختيار والانتقاء والتلقيح والمزج والتفاعل والابتكار والإبداع ، وبين التلقي والإذعان والانقياد والتقليد الأعمى والمسخ والاستنساخ المميت.   
أما في الحالة الثانية فإن الوعي بالهوية القومية إذا كان ضرورة حتمية لكل المجتمعات الإنسانية فأنه يصبح أكثر ضرورة للمجتمع العربي ويجب أن تحشد له كل الإمكانات والجهود ، لأن خبرتنا بالعالم الغربي الذي اتصلنا به وفرض وجوده علينا منذ بدء الحملات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية ، والايطالية وغيرها لمعظم البلدان العربية  علمتنا إن هذه الحملات وإن كانت تنطوي علي استعمار عسكري واستيطاني واقتصادي فإنها لا تخلو من غزو فكري ثقافي حضاري استهدف طمس للهوية ، وامتهان للمقدسات  واختراق للفكر، ومحاربة للغة ، وتشويه للتراث ، وتغييب للوعي ، ومحاولة لاقتلاع الجذور الحضارية وتبديد للثروات البشرية ، وقهر للإرادة ، وما دام الأمر كذلك فهي حرب شعواء لا هوادة فيها ولا تهوين لخطورتها وشراستها  ومن ثم فالقضية إذن بهذا التصور وهذه الحدود قضية الأمة كلها لا قضية التربويين أو العلماء دون غيرهم.  
 إن هذه المرحلة التاريخية يمكن أن تُعد مرحلة جديدة تسعي لتأتي باستعمار جديد يستخدم سلاح إبهار الشعوب بالتقدم العلمي والتكنولوجي ، وقضايا الحرية حرية العقائد وحرية الفكر والإبداع والنقد وحقوق الإنسان والمرأة ، كل ذلك لا يخرج عن كونه إعلاناً وتسويقاً لأشياء عظيمة وجميلة ورائعة لدي الآخر ، وفي نفس الوقت هي وسيلة لمحاولة محو ذاكرة الشعوب ، وتغييب وعيها ، وتدمير ثقافتها واستنساخ أجيال جديدة لا تعرف شيئاً عن جذورها ، تبخس ما لدينا تفرغه من قيمة ، تزعزع مبادئه ، هي حرب علي الثقافة القومية وما تمثله من منظومة القيم والعادات والتقاليد وكذلك الدين.
      من هنا يجب أن يوجه كل الاهتمام بالهوية القومية والحفاظ عليها والعمل علي التمسك بوحدة التراث الفكري والثقافي والعلمي للأمة ، يجب أن نقرأ تاريخنا ، يجب أن نري حضارتنا وانجازاتنا العلمية في وجوه أبنائنا ، يجب أن يظل تاريخنا في عقولهم ، يجب أن تمتد جسور التواصل بين هذه الأجيال إلي أبعد نقطة في تراب هذا الوطن.   
    إن المجتمع العربي في الوقت الراهن يمر بظروف بالغة الصعوبة والتعقيد  فإلي جانب الضعف الذي يعيشه ، تتعرض العديد من الدول العربية لكثير من التهديدات والتحديات والصعوبات والأطماع الاستعمارية والرغبة في السيطرة والهيمنة علي مقدراتها وثرواتها واحتلال لموقعها الاستراتيجي  فإن السعي لمساعدة الأفراد / المتعلمين للوعي بالهوية القومية والحفاظ عليها يجب أن يكون من أولويات أهداف البرامج التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية وغيرها من القطاعات المجتمعية.
  والتربية بمختلف أنماطها ليس فقط التربية الوطنية وحدها  والمقررات الدراسية بتعدد أنواعها ليس مقررات الدراسات الاجتماعية فحسب ، مدعوة الآن وبقوة أن تضطلع بأدوارها في تعميق الوعي بالهوية القومية كل حسب فلسفته وأهدافه وطبيعة ومستوي محتواه.
ولما للتربية العلمية من كبير الأهمية ، خاصة في عصر العلم والتقنية والمعلومات الرقمية كان لا بد لها من التأكيد على الركائز الثابتة للهوية العربية والإسلامية والمحافظة عليها  وتعزيز بقائها حتى لا تذوب وسط هذا الزخم الهائل من الأفكار والمعتقدات ، وحتى تتمكن من مجابهة التحديات المفروضة عليها من الشرق والغرب.
     التربية العلمية يجب أن تلعب دوراً مهماً في هذا الإطار وذلك من خلال إعلاء المبادئ والقيم والمُثل العليا المستمدة من الدين الإسلامي التي يقوم عليها المجتمع بشكل عام والمبادئ والقيم الأخلاقية للعلم والعلماء بشكل خاص والتي يجب أن يبني من خلالها المجتمع حياته ويواجه مشكلاته ويحدد مستقبله المنشود ، وعلي التربية العلمية الاعتناء والاهتمام باللغة العربية من خلال الاعتناء بلغة العلم باعتباره أن اللغة العربية  لغة علم قادرة علي استيعاب مصطلحاته ومفاهيمه ومستحدثاته العلمية والتكنولوجية في  مجال اللغة  وكان لها ولازال دور رائد في بناء صرح الحضارة الإنسانية  وعلي التربية العلمية الاعتناء والاهتمام بتاريخ العلم والعلماء العرب والمسلمين ليس فقط عند تقدير دورهم البارز في الحضارة العالمية  وإنما للاستفادة من تربيتهم وأخلاقهم وأساليب حياتهم وتفكيرهم وحبهم للعلم والسعي للتحصيل فيه.
المراجع :
مصطفي علي السيد بركات: " دراسة اتجاهات أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنوفية نحو تعريب تعليم العلوم والتقنية كمدخل لمواجهة التحديات المعاصرة ، العولمة وتهديد الهوية القومية.
نازلي صالح ، عبد الغني عبود  : في التربية المقارنة.
السيد عبد العزيز البهواشي : " التربية الدولية والإعداد للحياة المعاصرة  دراسة تحليلية للاتجاهات الحديثة. 
  رشدي أحمد طعيمة  : العولمة ومناهج التعليم العام في : محمود كامل الناقة العولمة ومناهج التعليم العام.

الثلاثاء، 3 مايو 2011

التربية العلمية من منظور عربي بقلم : أ.د. محسن مصطفي عبد القادر


لا يكاد يخلو أي مجال علمي أو بحثي من إشكاليات المصطلح أو المفهوم لا لشيء سوي لأن للمصطلحات تأثيرات نادراً ما يُقدْر الناس أبعادها ويولونها ما تستحقه من الاهتمام ، وتتصل تلك التأثيرات بالجوانب الفكرية العامة لأن المصطلح هو صورة مكثفة للعلاقات العضوية القائمة بين العقل واللغة ، وتتصل أيضاً بالظواهر المعرفية لأن المصطلحات في كل علم من العلوم هي بمثابة النواة المركزية     التي يمتد بها مجال الإشعاع المعرفي ، ويُرسخ بها الاستقطاب الفكري ولذلك كانت المصطلحات أولي قنوات الاتصال بين مجالات المعرفة والعلوم البشرية.
      وتنطوي استعارة ( مصطلح ) من نسق ثقافي إلي آخر علي إشكالات في الاستخدام ، لأن الثقافة تنهض ويستقيم صرحها كلما أفلحت في إنتاج معرفة خصبة وجديدة توجهها اصطلاحات واضحة الدلالة ، ومن المؤكد أن ثقافة أي أمة من الأمم تقوض وتتلاشي لأسباب كثيرة منها " اضطراب دلالة المصطلح ، وتعارض المفاهيم وشيوع الغموض ، والقلق في التراسل العلمي بين مصادر المعرفة والمتلقي " ، الأمر الذي يُعرض تراكم المعرفة ذاته إلي كثير من الصعاب ، مثل عدم استقرار المفاهيم وما يتبعه من اضطراب ليس في الوصف والتحليل والاستقرار فحسب ، وإنما في الاستنباط واستخراج النتائج التي يهدف الوصول إليها أي بحث، وكل باحث.
     وقد استخدم مصطلح Science Education في الثقافة التربوية الغربية عامة والأمريكية خاصة كفلسفة تربوية برزت في القرن الماضي كاتجاه جديد وحركة إصلاحية لتدريس العلوم في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي في حقيقتها أسمي غايات دراسة العلم وتعليم وتعلم العلوم ، فالتربية العلمية ليست مفهوماً اصطلاحياً يمكن الاتفاق عليه بصورة علمية أو إجرائية ، بل هي غاية تتحقق من خلال عمليات دراسة العلم وتعليم وتعلم العلوم ويتضح مفهومها ومعناها بحسب فلسفة المنظر ، وما ينبغي أن يتحقق من خلالها.
      وبالرغم من أن مصطلح Science Education يشير عادة في الثقافة الغربية والأمريكية إلي تعليم العلوم ، إلا أن التربويين العلميون في العالم العربي قد استعاروا هذا المصطلح كمرادف للتربية العلمية في الثقافة التربوية العربية ، رغم أن اللفظ الغربي Education مرادف في العربية للفظ التربية وليس التعليم Learning ، أو التدريس  Teaching ، ففي اللغات الأجنبية تستخدم كلمة واحدة "Education ‏ " للتعبير عن التربية والتعليم ، وفي اعتقادي أن من مزايا اللغة العربية ودقتها أنها تميز بين الاثنين  فالتربية كانت حسنة أم سيئة غالباً ما تتخذ من التعليم وسيلة وبالرغم من أن التعليم غالباً ما يحدث في المتعلم تأثيراً تربوياً ما ، إلا أن التركيز على التربية يؤدي إلى نتائج تختلف عن التركيز على التعليم فأن نربي يعني أن نتوجه إلى كيان التلميذ / الفرد كوحدة لا تتجزأ  بينما قد ينقل إليه التعليم المعلومات التي كثيراً ما تكون مجزأة وموجهة إليه بمعزل عما يريده وما يحتاجه ، والتعليم يخاطب الذهن بالدرجة الأولى ، بينما تخاطب التربية بناء الشخصيـة ، وقد يُعلم المعلم دون أن يلتفت إلى تربية من يعلمه ولكنه عندما يربي فهو دائماً معلماً ، بمعنى تعليم القيم وأصول السلوك وليس بالضرورة تمرير المعلومات".
     من هنا فأن استعارة مصطلح Science Education  في الثقافة التربوية العربية أدي إلي قصور في عدة أوجه بمجال التربية العلمية  منها غياب فلسـفة واضحة المعالم والمحددات لها في العالم العربي  كما لم تتضح التربية العلمية كفكرة ، أو ممارسـة ، أو تطبيق حتى يومنا هذا ، بل وأكثر من ذلك فقد اختلف معني التربية العلمية لدي المتخصصين فيها في العالم العربي داخل البلد أو القطر الواحد ، وربما كان عدم تحديد مصطلح ومفهوم وفلسفة التربية العلمية بما يتفق مع ثقافتنا ولغتنا العربية من بين الأسباب التي أدت إلي تأخر تحقيق التربية العلمية في مجتمعنا. 
      فقد عجزت معظم ـ إن لم يكن ـ جميع النظم التربوية والتعليمية في تحقيق العديد من أهداف التربية العلمية ، إضافة إلي سوء المناهج المدرسية عامة ومناهج العلوم خاصة أهدافاً ومحتوي وأساليب تدريس وتقويم نتائج في تحقيق تلك الأهداف ، كذلك غياب دور المؤسسات التربوية غير النظامية والتي يمكن أن  تلعب دوراً مهما ً في هذا المجال ، تلك الأسباب وغيرها أدت إلي التخلف وقصور النظم التربوية في الدول العربية عن تقديم أفراد / متعلمين تملك أسباب وحاجات الحياة في هذا العصر.
     فإذا كانت التربية العلمية هي في الأساس فلسفة تربوية ، أو حركة إصلاح لتعليم العلوم في الولايات المتحدة الأمريكية حدثت في القرن الماضي ، فإننا رغم ما نوجهه إلي تعليم العلوم في بلداننا العربية من انتقادات متعددة لم نتحرك لمحاولة التفكير في إصلاحه لتحقيق الغاية منه إلا وهي تربية الأفراد / المتعلمين تربية علمية كما أننا ـ رغم الاهتمام الواضح ـ بالتربية العلمية سواء في حرص الكثير من المشتغلين بتدريس العلوم علي تقديم أنفسهم كمتخصصين فيها ، أو في كتاباتنا وبحوثنا ودراساتنا وندواتنا ومؤتمراتنا العلمية التي تتصدر عناوينها التربية العلمية ، رغم كل ذلك لم نسع لتحديد مفهوم ومعني أو فلسفة للتربية العلمية ، ومحاولة صياغة رؤية لها من منظور عربي يتناسب وواقعنا وحاجاتنا ومتطلباتنا وحضارتنا وهويتنا.
     المراجع :
1ـ عبد الله قلي : المناهج التعليمية وإشكالية المفهوم.
 2ـ إبراهيم عبد الله  : " إشكالية المصطلح النقدي "
علي حسن الأحمدي  : التنور العلمي والتقني.
4ـ نجلاء حمادة ( 2010 ) " المدرسة رسالة وتوجيه ".

الاثنين، 2 مايو 2011

انتظرو الجديد عن التربية العلمية من خلال هذه البوابة

أعزائي متصفحي المدونة ... انتظرو الجديد عن التربية العلمية من خلال هذه البوابة ، وأيضا معلومات وأفكار تعرض لأول في مجال التربية العلمية وطرق التدريس ، لا تذهبوا بعيدا .... 





د. حسين عبد الباسط