السبت، 21 مايو 2011

التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية

                   التربية العلمية وأهمية الحفاظ علي الهوية القومية
                        بقلم أ.د. محسن مصطفي محمد عبد القادر
     إنّ الخطوة الأولى في الحفاظ علي الهوية ، تتمثّل في توعية الأفراد / المتعلمين بطبيعة الهوية ومكوناتها وأهميتها ، لأنّ الكثيرين منهم يجهلون حقيقتها حتى وإن سمعوا بها ، ولا سيّما أنّ الهوية ما تزال غير واضحة في مناهج التعليم بشكل عام وفي مناهج العلوم المعنية بالتربية العلمية بشكل خاص.
     فلكل مجتمع من المجتمعات الإنسانية تراثه الذي يعتز به ويحافظ عليه والمجتمع الذي ُيضيع تراثه فرط في مستقبله ، ولا مراء أن المجتمع المصري والعربي ثري بتراثه الذي كان وليد حضارات متعاقبة عبر القرون ، والتراث الحضاري العلمي والثقافي الفكري أعز ما يملك أبناء الوطن العربي.
     من هنا يصبح الوعي بهذا التراث ضرورة آنية ومستقبلية في ذات الوقت ، لذلك يجب إن نعمل علي إذكاء الشعور الوطني لدي الأفراد / المتعلمين وأن نتيح لهم الفرصة ليتعرفوا علي ما أنتجه أجدادهم الأوائل من فكر وعلم واكتشافات وكذلك علي العوامل التي أسهمت في وصول هؤلاء العلماء إلي المرتبة الرفيعة بين علماء عصرهم وهو ما اعترف به بعض المستشرقين المنصفين ، وأقر به حكمائهم الصادقون ، وأن نبين لأبنائنا أن هؤلاء العلماء وصلوا إلي ما وصلوا إليه بتمسكهم بالقيم والتقاليد والمُثل العليا المستمدة من الدين الذي يحرص علي العلم ويعتبره فريضة علي كل مسلم ، فتفرغوا له وشغفوا به وصرفوا كل لحظة من لحظات حياتهم لطلب العلم ، فكان هو المطلوب الأساسي والغاية الأسمى واللذة العظمي ، مطلوب لا يوازيه مطلوب ، وغاية لا تضاهيها غاية ، ولذة تفوق ما عداها من لذات الدنيا وزخارفها ، حرصهم الشديد علي الوقت فما كان يتسنى لهم أن يبلغوا هذه الدرجة الرفيعة من النبوغ والإبداع في شتى العلوم لولا شعورهم بأهمية الوقت ، والحرص علي الاستفادة من كل لحظة من لحظات الزمن والضن به دون فائدة ونفع ، فاهتموا بالقراءة والاطلاع وبالترجمة ، وتحصيل المعارف ومن مختلف الحضارات اليونانية والهندية والفارسية والصينية ، كذلك الالتزام بالطاعة وبالايجابية والجماعية ، والانفتاح والتعامل الحضاري مع الأخر  بالتسامح والتواصل والحوار وعدم التعصب.[1]
     من هنا فإن استحضار الرشد الفكري والنضج المنهجي والتراث العلمي لعلمائنا الأفذاذ ، وتلك الثروة السلوكية التي انتهجوها في حياتهم اليومية والعلمية سوف يكون لها المردود الايجابي في تحفيز الأفراد / المتعلمين للرقي والازدهار والتقدم وتعويض ما فات من تخلف عن الركب.
إن التربية عامة والتربية العلمية خاصة يجب أن تعمل على تعزيز الهوية العربية والوعي بها لدي الأفراد / المتعلمين حتى يستطيعوا الوقوف أمام السيل العارم من التيارات الفكرية التي تتصارع على خريطة العالم ، وأن تتضافر جهود المؤسسات المعنية لإبراز الخصوصية الثقافية العربية الإسلامية ، وأن تعزز القيم الروحية المستقاة من تراث أمتنا ، وإن توجد من الفرص المتنوعة مثل المناهج والبرامج والدروس والقصص والأفلام التاريخية والوثائقية وغيرها  التي تعمل علي  نشر وتدعيم القيم الروحية والمثل الأخلاقية ، وتمجيد قيم العلم وغرس حب البحث عن المعرفة واكتساب سبل وطرق إنتاجها ، وتنمية الإبداع والخيال والابتكار في نفوس الأجيال ، والعمل على التصدي للآثار السلبية للبرامج المبثوثة الزاخرة بالتيارات المادية والتحديات والتناقضات التي تهدد العافية الروحية للأمة العربية وللمجتمع الإنساني بأسره.
مراجع :
مختار بشير عبد السلام العالم :إسهام العلماء المسلمين في الحضارة العالمية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق